الدكتورة رقية أشمال تدون : فهل تعيد الواقعة ترتيب قيمنا ؟

لم أكن كغيري من جل المغاربة نقرب أسرة الصغير ريان ، مع ذلك توجه إلي عدد من الصديقات والأصدقاء من عدد من الدول (فلسطين، الجزائر ، موريتانيا ، تونس،، مصر ، السعودية ، اليمن ، كندا ، أمريكا ، فرنسا.. ) بالتعزية، كما توجهوا بالتخصيص لغيري أو بالتصريح في الإعلامين الرسمي أو البديل.
فهل بالغ العالم في ارتفاع منسوب إنسانيته تعاطفا مع حالة ريان ؟ (كما أضمر بالترقب البعض دون تفاعل أو صرح البعض الآخر قولا و رقنا).
لقد أحس الآخر بحزننا الجماعي نحو طفل انتمى إلى وجداننا الإنساني المشترك قبل موطننا أو لغتنا أو جوارنا …
لأنه يصعب على كل آدمي أن يشهد إنسانيا بكل هشاشته كطفل في حالة خطر بفعل القوة القاهرة دون أن يمتلك حيلة لتقديم يد العون ..
كنا مشدوهين بالاقحام عنوة في دور ” المتفرج السلبي ” رغم محاولاتنا للتحفيز على الصلة بخالقه ” دعاء ” ، كنا في أسوأ حالات الفرجة وأقساها مُرغمين ..
كنت وحالتي الخاصة هاته أدخل الفصول الدراسية جسدا وقد رافق المخيال الاعتقال الجبري لوضع الصبي في الحفرة ، أتحسس رطوبة التربة ، ظلمة المكان ووحشته وانتهي فالله رحيم به وبحالته ومآلها ، هو خالقه هو الأرحم عليه منا جميعا … وسرعان ما تخفت وتنهار هذه الخلاصة العقدية.
صَعٌَب المشهد القاسي حد شفط جلدة القلب دخولنا في خانة الجمهور المتفرج على مأساة ” إنسانية ” لطفل بكل مقومات الهشاشة، امتدت كأطول لقطة في الزمن المباشر ليال خمس ، بامتداد التناول الإعلامي العمومي و الرقمي ، كلما طال بها الزمن شربت من دماء قلوبنا واقتاتت من حشائش أكبادنا ؛ لحظات بعمر عَمٌر وجثم على أنفاسنا.
فهل تعيد الواقعة ترتيب قيمنا ؟
يقينا لا أدعي فهما لحادث قد يكون معزولا ، سيبرده وعاء الزمن المستقبلي كما فعل مع غيره من الوقائع التي طحنتنا جميعا عبر هذه النافذة الافتراضية كحالات : ( محسن فكري ، ليليا ، انهيار عمارة بوركون … ) ، لكن يمكن أن أقول أن تساوق الحدث مع زمن الجائحة في حضرة كوفيد بكل نسخه المتحورة قد أعاد الإنسان إلى أنسنته بفعل الهشاشة المركبة و المتواترة ، وهو ما يستدعي تجاوز ذلك الإنسان المعقد أفقا للتفكير ، إلى ذلك الإنسان المنتمي للطبيعة أفقا للأنسنة كفعل يتجاوز التباين الحاصل بين مستويي الممارسة و التنظير ..
Exit mobile version