الدكتورة حكيمة لعلا: تدبير الغش والسرقة العلمية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية صدق أو لا تصدق..

تدبير الغش والسرقة العلمية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية
صدق أو لا تصدق.. طلبة مدانون يناقشون بحوثهم على مسؤوليتهم

الدكتورة حكيمة لعلا

في إطار الرد على محتوى الفيديو الذي نشر من قِبل الجريدة الإلكترونية (le 360)، ومن باب الإخبار فقط، واستنادا إلى قواعد وأخلاقيات مهنة الصحافة كما هو متعارف عليها عالميا، كنا قد طالبنا كتابيا هذه الجريدة بحق الرد، الذي يكفله قانون الصحافة والنشر، ولم يلق طلبنا أي جواب. كما جاء على لسان نائب العميد المكلف بالإعلاميات، بأن المشرف هو الذي له الأحقية في القرار النهائي على الموافقة أو الرفض لمناقشة بحوث طلبته. لذلك، اعتبرنا أن هذا الرد هو تزكية لما وقع من تجاوزات من طرف أستاذ من الفريق البيداغوجي لمسلك ماستر الهجرة، وأن هذا الخرق للقوانين المعمول بها، هي حتما تؤكد غرضا في نفس يعقوب… إلا أن هذا التصريح يعارض فعل العمادة عندما راسلتنا بالبريد المضمون، نحن مجموعة من أساتذة مسلك ماستر الهجرة والمشرفون على بحوث، تم رفضهم بسبب اكتشاف الغش والسرقة العلمية في بحوثهم، مطالبة إيانا بالحضور الإجباري لمناقشة بحوث طلبة نشرف عليهم، حيث اعتبرت أن قرارنا هو “قرار شخصي في تقييم البحوث”، وفق ما جاء في المراسلة التي توصلنا بها من طرف العمادة.
إن هذا التعارض في الخطاب العلني كما جاء في الفيديو المشار إليه، وفي القرارات المكتوبة لا يمكن اعتباره مزعجا فقط، بل هو قرار استفزازي تمييزي في حق أي أستاذ باحث، أيا كان، كما أنه ضرب في مصداقيته العلمية وفي مهنيته، والأكثر من ذلك، هو حَجْر ووصاية مُعلنة عليه، بدون سند قانوني أو بيداغوجي أو علمي.
إننا عندما نسمع الخطاب العلني الموجه للرأي العام، وبكل موضوعية يجب مساءلته على ضوء المكاتبة الرسمية التي توصل بها الأساتذة، بحجة أن قراراهم شخصي. ويبقى السؤال مطروحا، ألا يُعتبر هذا تضليلا للرأي العام ؟ ألا يمكن تفسير هذا الفعل بالارتجالية التي تطغى على التدبير الإداري والبيداغوجي من طرف العمادة ؟ وبإيجاز شديد، إن بين المُعلن والمعمول به في إطار القرارات وتطبيقيها مسافة كبرى، ويجب التنقيب فيها لفهم المناهج التدبيرية لعمادة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية. وربما السؤال الكبير هو هل قرارات واختيارات عمادة هذه الكلية تخضع أولا وأخيرا للقوانين البيداغوجية المدبرة للمسالك؟ أم أنها تبقى رهينة طبيعة الطلب وصاحب الطلب؟
في إطار هذا التدبير، الذي اعتمد وسيلة الشطط أكثر من أي منهج آخر، وغيب القوانين والأعراف، قررت العمادة مناقشة بحوث لطلبة معنيين بالغش والسرقة العلمية في غياب الأساتذة المشرفين عليهم، بعدما رفض هؤلاء ذلك بسبب وجود حالات الغش والسرقة العلمية. وتبقى المفاجأة الكبرى في هذا الأمر، هي أن العمادة، حسب أقوال المعنيين بالأمر، اشترطت عليهم التوقيع على التزام مفاده أنهم يناقشون بحوثهم على مسؤوليتهم. ولا يمكننا سوى الاستغراب من هذا الفعل، ولا نعرف ما هي الأسس، أيا كانت، التي بُنِي عليها هذا القرار الذي مكن من إلغاء الأستاذ المشرف على البحوث، ولا كيف أصبح لأحد الطلبة أو الطالبات، والذي يوجد في حالة إدانة بالغش والسرقة العلمية، أن يقوم بطلب المناقشة على مسؤوليته، ومن طبيعة الحال أمام لجنة بيداغوجية تتخلى عن أي مسؤولية لها. وبعيدا عن الكوميديا العبثية إذا ناقش الطالب على مسؤوليته فمن سيصادق على شهادة نجاحه؟
إن هذا الفعل يخلق إزعاجا كبيرا ومكثفا لكل من يعمل على الارتقاء بجودة التعليم العالي والبحث الجامعي. فإلى أين نحن سائرون؟ وبكل مرارة، نتساءل، هل نحن بصدد إقبار الجامعة المغربية؟ هل نحن بصدد جعلها سوق مشاع وإعطاء الحق لكل من استقوى أو له نفوذ؟ إن هذا السؤال يصبح ملحا حاليا ليس فقط على أهل العلم والمعرفة، ولكن على كل المواطنين، فالتعليم المجاني هو من الحقوق الإنسانية والقانونية، وحق دستوري مضمون لكل مواطن مغربي.
ربما وجب علينا عدم الاستغراب من هذا الوضع الذي قامت من خلاله العمادة بتجاوز الأستاذ المشرف، إذ كل التجاوزات أصبحت ممكنة. فالعمادة تجاوزت المنسقة البيداغوجية لمسلك ماستر الهجرة، وتجاوزت الفريق البيداغوجي للمسلك، بل وتجاوزت المسلك بأكمله، فأي غرابة في الأمر إذا تجاوزت العمادة قرار الأستاذ المشرف، بعدم قبول المناقشة في قراراتها الفعلية، وأنهت العهدة البيداغوجية والأخلاقية بين الطالب ومشرفه إذا لزم الأمر ذلك؟
وهنا نختم بنقطتين.. أولهما تركز على التناقض بين ما قيل في الفيديو المنشور من طرف كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، وبين ما هو مكتوب في المراسلات الموجهة للأساتذة المشرفين وإلزامهم بالمناقشة لطلبة تحت إشرافهم معنيين بالغش والسرقة. إن هذا يساءلنا جميعا، وبقوة، عن التدبير الإداري المزدوج للعمادة. كيف يمكن التعامل أو التفاعل مع الانتقائية المعتمدة في تقديم الأجوبة اللازمة لكل حالة على حدة، وعدم التطابق بين المنطوق للعلن والمكتوب في التدبير الإداري.
أما النقطة الثانية، فهي مسألة مناقشة الطالب في غياب الأستاذ المشرف وعلى مسؤوليته. إن اعتماد حق مناقشة الطالب رغم رفض الأستاذ المشرف عليه، ورغم ثبوت حالات الغش والسرقة في حقه، واختزال الأمر في الحصول على توقيع من طرف الطالب أو الطالبة للتوثيق بأنه يناقش على مسؤوليته، وبالتالي إخلاء ذمة العمادة واللجنة البيداغوجية من المسؤولية.. كل هذا في حد ذاته يحتاج إلى مناظرة كبرى، لمعرفة وتحديد الأدوار حسب قوانين إجرائية ضاعت للأسف في رفوف المكاتب.

أستاذة باحثة المنسقة البيداغوجية لماستر سوسيولوجية الهجرة –  جامعة الحسن الثاني كلية الآداب والعلوم الإنسانية

Exit mobile version